
تأثير الحرب التجارية الأمريكية‑الصينية على صناعة الألعاب الإلكترونية العالمية
تصاعد الحرب التجارية وتأثيره على أجهزة الألعاب مقابل الألعاب الرقمية
أدى تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الإلكترونية المستوردة، مما أثر بشكل مباشر على أجهزة الألعاب ووحدات التحكم والإكسسوارات. هذه الأجهزة تُصنَّع غالبًا في دول مثل الصين والمكسيك، مما يجعلها عرضة للرسوم الجديدة. ونظرًا لاعتماد كبرى الشركات على مراكز التصنيع هذه، فقد شهدت الأسعار ارتفاعًا ملحوظًا وانخفاضًا في وفرة الأجهزة في بعض الأسواق.
في المقابل، الألعاب الرقمية (المشتراة عبر الإنترنت) لم تتأثر بهذه الرسوم الجمركية؛ لأنها تُوزَّع إلكترونيًا دون عبور الحدود. لذا تحول الكثيرون لشراء الألعاب عبر المتاجر الرقمية كبديل لتجنب أي زيادة في أسعار النسخ الفيزيائية.
سعيد شرف – الرئيس التنفيذي لشركة Esports Middle East – نوَّه في مقابلة مع قناة العربية بزنس إلى أن:
“التصعيد في الحرب التجارية سيكون له تأثير على صناعة ألعاب الفيديو، وخاصة على مصنّعي منصات الألعاب مثل سوني ونينتندو.”
وجاء هذا ضمن حواره الصحفي وأضاف انه قد طال هذا التأثير أجهزة مثل Nintendo Switch 2 ووحدات التحكم الأخرى المصنّعة في الصين، ما يعني خضوعها لضرائب إضافية قد ترفع التكلفة النهائية على المستهلكين.
إعفاء الألعاب الرقمية من الضرائب الجمركية ودور منظمة التجارة العالمية
منذ عام 1998، تطبِّق منظمة التجارة العالمية مبدأً يقضي بإعفاء المنتجات الرقمية من الرسوم الجمركية عند تداولها إلكترونيًا. وقد تم تجديد هذا الإعفاء حتى عام 2026، مما يحمي شراء الألعاب الرقمية من أي تعريفات جمركية.
هذا الإعفاء يساعد الشركات على توجيه اللاعبين نحو النسخ الرقمية، ويخفّض التكلفة على المستهلك مقارنة بالأقراص الفيزيائية التي تخضع لتكاليف شحن وتصنيع ورسوم جمركية. ولذلك، تراجعت واردات الألعاب الملموسة سنويًا لصالح المحتوى الرقمي، مما يخفف الضغط عن سوق الأقراص التقليدي.
البحث عن بدائل تصنيع: فيتنام واليابان والمكسيك وقدرة الإنتاج
في مواجهة الرسوم الجمركية، لجأت الشركات الكبرى إلى تنويع مراكز التصنيع خارج الصين، فاختارت فيتنام واليابان والمكسيك بدائل:
-
فيتنام استضافت إنتاجًا كبيرًا لأجهزة Nintendo Switch، وتخطط لاستيعاب إنتاج Switch 2 لتفادي الرسوم الأمريكية.
-
اليابان تم تحليلها كمركز لتصنيع أجهزة PlayStation، رغم تكاليفها العالية وإمكانية بدء الإنتاج فيها بحلول 2026.
-
المكسيك استخدمت تاريخيًا لتجميع أجهزة Xbox نظراً لاتفاقية USMCA وقربها الجغرافي، لكن الرسوم الأمريكية الأخيرة طالت حتى الواردات المكسيكية.
غير أن الطاقة الإنتاجية في هذه الدول البديلة قد لا تفي فورًا بطلب السوق العالمي على أجهزة الجيل الجديد، ما يستدعي استثمارات طويلة الأمد في تدريب القوى العاملة والبنية التحتية.
استراتيجيات مواجهتها لدى الشركات الكبرى
اتخذت شركات مثل سوني ونينتندو ومايكروسوفت عدة حلول للتخفيف من تأثير الرسوم الجمركية:
-
الضغط السياسي (اللوبي): توحيد صوت الشركات لإقناع صناع القرار الأمريكي بتأجيل أو تخفيض الرسوم على أجهزة الألعاب للحفاظ على الأسعار معقولة وحماية الوظائف.
-
زيادة الإنتاج المسبق وتخزين الوحدات: شحن مخزونات إضافية من أجهزة PS5 وSwitch 2 قبل سريان الرسوم لتكوين “وسادة” تمنع ارتفاع الأسعار الفوري.
-
التصنيع أو التجميع المحلي داخل الولايات المتحدة: دراسة إنشاء خطوط تجميع داخلية أو تراخيص لمصانع أمريكية رغم تكلفتها العالية.
-
ابتكار التسعير والحزم: امتصاص جزء من التكلفة أو تقديم حزم تضم الألعاب مع الأجهزة لإظهار قيمة أكبر أمام المستهلك.
الأجهزة القديمة كخيار اقتصادي للمستهلكين
برزت أجهزة الجيل السابق مثل PlayStation 4 وXbox One كبديل اقتصادي في ظل ارتفاع أسعار أجهزة الجيل الجديد. هذه الأجهزة:
-
متوفرة بأسعار منخفضة ومكتبة ألعاب واسعة.
-
تدعم خدمات الاشتراك مثل Xbox Game Pass التي تمنح وصولاً لمئات الألعاب مقابل اشتراك شهري زهيد.
-
تسمح بالتوافق المسبق مع ألعاب الجيل الجديد عبر الترقية لاحقًا، مما يشجع على الترقّب بدل الانتقال الفوري.
ارتفاع أسعار PlayStation 5 في بعض الأسواق العالمية
اضطرت سوني لرفع سعر PS5 في أوروبا واليابان وأسواق الشرق الأوسط بحوالي 10–25%، نتيجة ارتفاع التضخم وتقلبات العملات والرسوم الجمركية. كما رفعت سعر النسخة الرقمية من PS5 ليتجاوز 499 يورو في بعض المناطق. وتجنبت سوني رفع السعر في السوق الأمريكية مؤقتًا، لكنها تدرس خيارات جديدة إذا استمرت الرسوم الجمركية عند مستويات مرتفعة.

تأثير هذه التطورات على منطقة الشرق الأوسط
في الشرق الأوسط:
-
ارتفع سعر PS5 بنحو 500 ريال سعودي للنسخة الرقمية، مما ضاعف كلفة اقتنائه.
-
تراجع توفر الأجهزة الجديدة لصالح الأجهزة القديمة والمستعملة.
-
تصاعد التحول نحو شراء الألعاب الرقمية بفضل إعفائها من الجمارك وسهولة الدفع الإلكتروني.
-
تنامي سوق خدمات الاشتراك الرقمية مثل PlayStation Store وXbox Live لتلبية الطلب بسعر ثابت.
لمحة عن سوق الألعاب والرياضات الإلكترونية عالميًا وعربيًا
-
العالمية: إيرادات صناعة الألعاب تخطت 220 مليار دولار، وعدد اللاعبين نشطوا تجاوز 3 مليارات. ألعاب الموبايل تستحوذ على نحو نصف الإيرادات. إيرادات الرياضات الإلكترونية تقترب من 2 مليار دولار، وجمهور المتابعين يتجاوز 500 مليون.
-
المنطقة العربية: إيرادات سوق الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلغت 6–8 مليارات دولار؛ السعودية والإمارات ومصر تشكل النسبة الأكبر، مع نمو متوقع إلى 2.6 مليار دولار بحلول 2027. عدد اللاعبين يناهز 70 مليونًا، وأكثر من 70% منهم يتابعون بطولات الرياضات الإلكترونية.
تمثل هذه التطورات تحديًا وفرصة معًا لصناعة الألعاب الإلكترونية. فبينما تفرض الرسوم الجمركية ضغوطًا على الأسعار وسلاسل التوريد، توفر الإعفاءات الرقمية والابتكارات الاستراتيجية للشركات طرقًا لتجاوز الأزمة، وتُبقي المستهلكين على اتصال بعوالم الألعاب الغنية مهما تغيرت الظروف الاقتصادية والسياسية.