fbpx

لديك موهبة في الكتابة، وترغب بنشر مقالاتك المميزة على موقعنا، تواصل معنا الآن.

تواصل الآن
أخبار ألعاب الفيديو

ألعاب الفيديو… ولم عليك أن تهتم

اعتدنا في بادئ الأمر التوجه في ما نكتبه لمجتمع لاعبي الفيديو، سواءً أكانت أخبار تخص اللعبة هذه أو اللاعب ذاك، شركة تفتح أبوابها وأخرى تغلقها، فريق يفوز بالملايين وآخر يخسرها، لكنني اليوم –وربما في طريقة لم أعتد الكتابة بها- قررت أن أتوجه للجانب الآخر من الطيف، لأولئك الذين ببساطة لا يستطيعون فهم كيف لتحريك شخصية افتراضية على شاشة مضيئة أن يكون بهذه الشهرة، بل ربما لم قد يكون ذلك ممتعاً حتى.

كلماتي هذه موجهة لكل أب، أم، صديق، أخ أو مهما كانت هوية من سترسل هذا المقال له فرحاً بأنك ستستطيع تغيير نظرته بعض الشيء عن هواية أصبحت في عصرنا هذا كهواية مشاهدة التلفاز في منتصف القرن الماضي. ألعاب الفيديو قد تكون حتماً هي الخطوة التالية الكبيرة لعصر الترفيه الرقمي، وتكاد لا تقل أهمية عن أي اختراع آخر شهدناه آخر مائة وخمسين عاماً.

من أين نبدأ؟ هل علي الحديث عن تلك اللعبة التي حطمت بمبيعاتها حاجز المليار دولار في أول أسبوع على انطلاقتها؟ أم ربما أتحدث عن أخرى ساهمت في تحسين مجال السياحة لبلاد أوروبية بأكملها؟ ما أنا بصدد الحديث عنه ليس عبارة عن رجل قافز يدمن تناول الفطر كما يتبادر لأذهان الكثيرين حين ذكر كلمة “ألعاب الفيديو”، فهذا المجال، كما هو الأمر مع جميع النواحي الحياتية الأخرى، مستمر بالتطور الذي لن يتوقف في أي وقت قريب.

نحن نتحدث عن مجال أصبح يمتهنه ممثلو هوليوود الكبار، عن مجال أصبح هو العجلة التي تقود شركات تقنية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، عن مجال تجاوز في مبيعاته أي صنف آخر من أصناف التسلية الرقمية. Call of Duty، اسم لربما قمت بالسماع عنه هنا أو هناك  كانت لعدة سنوات على التوالي المنتج الأكثر مبيعاً للعام من بين أي أداة رقمية ترفيهية أخرى وذلك يتضمن الكتب، الأفلام والموسيقى. Metal Gear Solid V مثال آخر يطرأ على البال، فحينما صدرت في العام الماضي تغلبت بمبيعاتها في يومها الأول على الجزء الثاني المنتظر من فلم “Avengers” الهوليوودي الغني عن التعريف. Star Citizen، اللعبة الأكثر تمويلاً في تاريخ الإنترنت قد جمعت من محبي ألعاب الفضاء مبلغاً يزيد قدره عن $140 مليون دولار حتى اللحظة لتقديم عالم افتراضي بمجرات ذات حجم هائل سيستطيع اللاعبون استكشافها سوية وصناعة مغامراتهم الخاصة لمئات من الساعات. أوه، وهل ذكرت بأن “Mark Hamil” من سلسلة أفلام Star Wars الأكبر في التاريخ يقوم بالتمثيل فيها؟

مارك هامل -صاحب شخصية لوك سكاي ووكر- في لعبة ستار سيتيزن
مارك هامل -صاحب شخصية لوك سكاي ووكر- في لعبة ستار سيتيزن

ألعاب الفيديو هي أمر لا يمكن تجاهله بعد اليوم فهي ربما تمثل ذروة التكنولوجيا الرقمية التي توصل لها العقل البشري. نعم، صناعة لعبة واحدة يمكن وصفها بالاختراع حقاً، فأي مشهد تراه على شاشة الحاسب أو التلفاز قد قام فريق من المهندسين العباقرة بصناعة جميع ما يوجد فيه من أصغر الذرات وذلك بدءاً من لا شيء. بمساعدة أوركسترا كاملة من الموسيقيين، الفنانين، الكتاب، الممثلين وحتى الأطباء أصبحت صناعة هذه الألعاب أشبه بلوحة فنية تقدر تكلفتها بملايين الدولارات لإنتاجها. نعم، الهدف الرئيسي من ذلك هو التسلية.. لكن أليس ذلك ما نشاهد الأفلام من أجله؟

جميع هذه الأرقام الكبيرة تأتي من واقع وجود الملايين من الأشخاص المتابعين لهذا المجال الضخم. ببساطة، ألعاب الفيديو لم تعد حكراً على الأطفال ومن هم صغار في السن. دراسة أميركية تم إجراؤها قبل بضعة أعوام أشارت إلى أن متوسط أعمار لاعبي الفيديو لا يندرج تحت سنين المراهقة بل وفي الحقيقة هو “31” عاماً. هذا صحيح، اللاعب الاعتيادي في البلاد الغربية هو ذاته الرجل مكتمل النمو ذو الأعمال والمسؤوليات بل وقد يكون أباً لطفل أو عدة أطفال حتى. لماذا؟ لأن الألعاب أصبحت تسلية لا تعرف عمراً ومخرجاً يذهب إليه من أنهكته متطلبات الحياة الواقعية وجديتها. في عوالم ألعاب الفيديو أنت محور القصة، أنت البطل، أنت من تعتمد عليه الشخصيات وأنت من تمضي قدماً لكشف طيات الأحداث المختلفة. أقرب ما أستطيع أن أصف ألعاب الفيديو به هو عيش أحداث فلم سينيمائي أو رواية دون أن تلعب دور المتابع الصامت، بل محور جميع ما يدور حولك. هذا النوع الجديد من التسلية يمتلك من الإمكانيات جعل كل شخص يمتلك تجربته الخاصة دون أن يتقيد بنص مكتوب. كل حركة تقوم بها شخصية اللاعب على الشاشة قد نجمت عن قرار خاص به. كل فعل قام بتنفيذه قد قام بالتأثير مباشرة على محيطه. هذا الحس من التدخل والتأثير هو ما يجعل من ألعاب الفيديو وسطاً قوياً لتقديم القصص والروايات إلى المستهلك مغلفة بنمط لعب تفاعلي ممتع ينمي من مهاراته الذهنية على أرض الواقع بالتناسق ما بين حركة يديه والدماغ الخاص به. بل ربما قريباً سيمتد الأمر للجسد بكامله.

ألعاب الفيديو. مابين الماضي والحاضر
ألعاب الفيديو. مابين الماضي والحاضر

هل تذكر حينما قمت بإخبارك بأن ألعاب الفيديو قد أصبحت العجلة التي تقود عملية تطوير الشركات التقنية؟ تلك لم تكن مبالغة بأي معنى من معاني الكلمة. شركة “Microsoft” العملاقة تعتمد اعتماداً كبيراً على استهلاك لاعبي الفيديو لنظام التشغيل “Windows” الخاص بها مما جعلها تعيد بناء آخر إصداراته “Windows 10” ليناسب حاجيات لاعب الفيديو ويقدم له أفضل أداء ممكن. شركتا “Intel” و “AMD” لتصنيع المعالجات المركزية –أهم مكون في الحواسب بمختلف أنواعها- تتنافسان مع إطلاق كل خط جديد من المعالجات بقدرتها على تحمل أعقد العمليات الحسابية لتشغيل ألعاب الفيديو بشكل أساسي. “NVIDIA” لتطوير البطاقات الرسومية قد أصبحت في مجالها المقدر بمليارات الدولارات موجهة بالكامل لتقديم أكبر جودة ممكنة لألعاب الفيديو في مقدمة أولوياتها. يمكنني الاستمرار هنا والحديث عن الأقراص الصلبة سريعة الدخول، الشاشات المنزلية والمزيد لكنني أظن بأن الفكرة التي أريد توضيحها قد وصلت إليك. بتعبير آخر، جميع المكونات الإلكترونية للحواسب أصبحت موجهة بشكل أساسي نحو مجتمع لاعبي الفيديو.. فلماذا تظل متمسكاً بأن هذا المجال قد تم توجيهه لما هم دون سن الخامسة عشرة من اللاعبين؟

الأمر ليس كله بداعي التسلية أيضاً، فألعاب الفيديو هو مجال ساهم بتقديم ما لا تتخيله في شتى النواحي الأخرى. حينما تقوم سلسلة الألعاب “The Witcher” والتي تم إهداء نسخة منها للرئيس الأميركي السابق “باراك أوباما” بالتحول إلى فخر وطني لدولة “بولندا” ارتفعت معدلات السياحة على إثرها فإن الأمر أكبر من مجرد “لعبة”. السبب الرئيسي لتطوير تقنيات الواقع الإفتراضي حالياً والذي يمتلك أبعاداً طبية وصناعية مختلفة قد تغير تعاملنا مع العالم حولنا هو، هذا صحيح، ألعاب الفيديو. هل علي أن أذكر أيضاً بأن التجارب العسكرية الأميركية وتدريب الجنود المستقبليين تتم عن طريق لعبهم في بيئات افتراضية تحاكي ظروف حرب حقيقية؟

الواقع الإفتراضي هو المستقبل
الواقع الإفتراضي هو المستقبل

نقطة أخيرة لا بد من ذكرها ألا وهي ناحية ال “Esports” أو الرياضات الإلكترونية. ولت تلك الأيام التي كان لعب ألعاب الفيديو هو أمر يختص به من يجلس وحيداً في المنزل لتصبح الآن نشاطاً يمارسه الجميع في فرق تحترف ألعاب موجهة للتنافس الذهني في مشهد يمكن تشبيهه حتماً برياضة الشطرنج. الرياضات الإلكترونية هي الآن مجال يشاهده الملايين حول العالم عبر الإنترنت وفي مدرجات ضخمة اعتادت مقاعدها حمل متابعي أكبر البطولات الرياضية في التاريخ، لتملأها الآن حشود غفيرة من الشباب المتابع لفريقه المفضل الذي يقوم بتحريك شخصياته على شاشة ضخمة بمهارة تكاد لا تكون بشرية. هذا المجال الفرعي من ألعاب الفيديو قد دفع بالشركات المختلفة للاستثمار في هؤلاء اللاعبين المحترفين كشركة VISA الأكبر في عالم التعاملات المالية بل وحتى أندية كرة القدم ك Manchester United و Paris Saint-Germain التي ترى في هؤلاء الرياضيون الرقميون إضافة مهمة لصفوف لاعبيها. مع جوائز تتجاوز $20 مليون دولار ومعدل مشاهدات يتفوق على دوري ال NBA الأميركي.. هل تستطيع رؤية ما هو قادم لهذه الرياضة المستقبلية؟

wings-gaming-ti6-champions-ti6-grand-finals-770x470
نهائيات أضخم بطولة ألعاب فيديو في التاريخ

إذاً، الصورة قد بدأت ترتسم لك هنا. ألعاب الفيديو هو مجال تقني وترفيهي ضخم يحرك عجلة التطور البشري بطريقة أو بأخرى، فكيف عليك أن تتصرف؟ أستطيع من الآن رؤية ما يدور في مخيلتك. “حسناً من أين يمكنني البدء؟ أعطني بضعة أمثلة لألعاب أستطيع رؤية جميع ما تحدثت عنه من خلالها!”. في الحقيقة، ليس من المطلوب منك أن تصبح “لاعباً” هنا، بل وليس عليك حتى أن تحب هذا المجال في الأساس. كل ما أطلبه منك، ومن الجميع حولك، أن تغير من نظرتك تجاه هواية يظلمها الكثيرون في بيئتنا المحيطة. حينما أقوم في المستقبل القريب بحمل طفلي في يد ومقبض تحكم الألعاب في أخرى لا تبدأ باتهامي أنني لم أنضج بعد، فالوقت الذي أصرفه في عيش مغامراتي الخاصة داخل هذه البيئات الافتراضية هو ذاته الذي تقضيه أنت في متابعة التلفاز بمشاهدة الأفلام، مباريات كرة القدم أو العروض الغنائية. ألعاب الفيديو هي هواية المستقبل.. وهي هنا لتبقى.

بقلم/لوحة مفاتيح: Hossam “Sam” Edge

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى