كافة الأخبارأخبار الرياضات الإلكترونية

الوطن العربي الاسرع نمواً في عالم الالعاب الالكترونية

لم يعد من الممكن تجاهل عالم الرياضات الإلكترونية مع ما يعرفه من نمو سريع الوتيرة على المستوى العالمي، فقد أدركت مختلف العلامات التجارية الكبرى و الجهات الحكومية مدى أهمية الاهتمام بالرياضات الإلكترونية نظرا لقدرتها على تحقيق قيمة اقتصادية كبيرة، و بالتالي أصبح عالم الالعاب الالكترونية أحد أهم القطاعات الترفيهية الجاذبة للاستثمارات، و هكذا بدأنا نرى اهتماما واسع النطاق بالرياضات الإلكترونية كمثيلاتها من الرياضات التقليدية، و المثير في الأمر أن منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا لم تشكل استثناء من هذا التوجه المعاصر، فعلى العكس من ذلك يعتبر الوطن العربي الأسرع نمو في مجال الرياضات الإلكترونية، متجاوزا مناطق مثل أوروبا و أمريكا من حيث عدد اللاعبين و القيمة السوقية للمجال.

يعود بعض الفضل في نمو الرياضات الإلكترونية في المنطقة العربية إلى فترة الحجر الصحي التي صاحبت انتشار فيروس كورونا، فمع البقاء في المنزل لفترات طويلة اتجه العديد من الأشخاص إلى ألعاب الفيديو كطريقة لتمضية الوقت، و هكذا شهدنا طفرة في عدد اللاعبين الذي بلغ مئات الملايين، فقررت الشركات الكبرى انتهاز الفرصة لتوسيع استثماراتها في الشرق الأوسط للوصول إلى هذا العدد الضخم من العملاء الذي من النادر أن تجد مثيلا له في المناطق الأخرى، و ليست الشركات وحدها من أدركت أهمية عالم الألعاب الإلكترونية، بل حتى الحكومات العربية كانت في الموعد بخطوة غير مسبوقة قامت من خلالها بتشجيع اللاعبين المحترفين على المضي قدما في مسيرتهم و فتحت المجال أمام المستثمرين في الرياضات الإلكترونية لتنفيذ مشاريعهم بالمنطقة.

رغم انتهاء الجائحة بسلام لم يفقد عالم الرياضات الإلكترونية في الوطن العربي بريقه، بل زاد تألقا مع مرور السنوات، بحيث يتوقع أن يتواصل نمو الرياضات الإلكترونية في السنوات القادمة لتصل قيمتها السوقية إلى خمسة مليارات دولار بحلول سنة 2025، كما استمر عدد اللاعبين بالتزايد بشكل لافت ليصل 377 مليون لاعب، و هو يتجاوز بكثير عدد اللاعبين في مناطق كانت السباقة إلى تسليط الضوء على الرياضات الإلكترونية مثل أوروبا و أمريكا، و يعود السبب في ذلك إلى تحسن جودة البنى التحتية و خدمات الإنترنت، بالإضافة إلى وفرة الألعاب المجانية و تزايد شعبية منصات البث التي تمنح اللاعبين تجربة اجتماعية استثنائية بالسماح لهم بالتفاعل مع مجتمعات الألعاب و التعليق على أداء اللاعبين الآخرين. و لكن لا ننكر أن الفضل الأكبر يعود إلى استمرار الحكومات العربية بالإيمان بالمستقبل الواعد الذي ينتظر الرياضات الإلكترونية بالشرق الأوسط و شمال افريقيا، و تعاونهم مع الشركات و الاتحادات العالمية للرياضات الإلكترونية لتنظيم أحداث و بطولات تستقطب اللاعبين المحترفين من مختلف أنحاء العالم، خاصة في دول مثل المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة اللتان يمكن أن نعتبرهما الأكثر اهتماما بقطاع الألعاب الإلكترونية.

ما شهدته الرياضات الإلكترونية في السنوات القليلة الماضية من نمو في كل أنحاء العالم و في منطقة الشرق الأوسط خصوصا كان استثنائيا، و جعلنا ذلك نرفع سقف آمالنا بخصوص مستقبل الرياضات الإلكترونية بالوطن العربي، إلا أنه يخلق في الوقت ذاته العديد من التساؤلات باعتبار أنه توجه جديد نوعا ما في المنطقة، و قد أجاب سعيد شرف الرئيس التنفيذي لشركة إي سبورتس ميدل إيست مقابلة مع قناة سكاي نيوز العربية عن مختلف الأسئلة المتعلقة بأسباب نمو الرياضات العربية في الشرق الأوسط و توقعات تطور المجال في السنوات القادمة.

وضح سعيد شرف في مستهل حديثه الارتباط القوي بين تزايد الإقبال على الألعاب و ارتفاع عدد الشباب في الشرق الأوسط، و هذا ليس العامل الوحيد،  فما ساند نمو الرياضات الإلكترونية أكثر هو تحسن البنية التحتية وزيادة عدد مستخدمي الانترنت و الهواتف الذكية، كما لعب الحجر الصحي دورا هاما في قدرتنا على الحديث عن الرياضات الإلكترونية كمصدر دخل في الدول العربية، إذ شهدنا حينها استثمارات ضخمة للشركات في هذا القطاع، و تحولت بعض الرياضات التقليدية إلى تنظيم بطولات عبر الإنترنت، مما وجه انتباه الحكومات نحو الرياضات الإلكترونية ليرتفع عدد الدول العربية المنتمية للاتحاد الدولي للرياضات الإلكترونية من 5 دول في سنة 2018 إلى 20 دولة حاليا. كما بدأنا نشهد دعما واسع النطاق للرياضات الإلكترونية التي توصف برياضات المستقبل نظرا لكون الوصول إليها متاح للجميع دون قيود.

 و أشار الرئيس التنفيذي لشركة إي سبورتس ميدل إيست إلى مدى أهمية رقابة الأهل حتى لا نقع في فخ الإدمان، فهو موجود بأي نشاط و لتفاديه لا بد من تعلم إدارة الوقت، و هذه نقطة مهمة وجب توضيحها للأطفال الذين يطمحون للإحتراف في الرياضات الإلكترونية بعد متابعتهم للبطولات التي تصل جوائزها إلى ملايين الدولارات. و قد أثبتنا كعرب أننا نملك القدرات اللازمة لنصل إلى العالمية، بشرط الاستمرارية و التدرب الفعال، بحيث يمكن للاعب أن يختبر بنفسه مستوى مهاراته بتتبع مستوى التطور الذي تقدمه كل لعبة، ليحدد ما إذا كان قادرا على الاستمرار نحو الاحتراف بنفس الوتيرة أو تغيير الاستراتيجية.

و قد توقع سعيد شرف أن مداخيل الرياضات الإلكترونية العالمية سنة 2023 قد لا تكون بنفس مستوى السنتين الماضية، فسوق الإعلانات يشكل جزءا كبيرا من من قيمة هذه الصناعة، و لكن الاستثمار فيه سيقل مقارنة بفترة الحجر الصحي، لذلك على العلامات التجارية أن تنتبه لهذا إن أرادت أن تحجز حصة سوقية أكبر سنة 2024.

تؤكد كل النقاط التي أشار إليها  الرئيس التنفيذي لشركة إي سبورتس ميدل إيست أننا نعيش طفرة في عالم الرياضات الإلكترونية تتزعمها منطقة الشرق الأوسط بجدارة، فتزايد توجه الشباب نحو الألعاب و ما صاحبه من اهتمام غير مسبوق للحكومات العربية بمجال الرياضات الإلكترونية جعل الحديث عن الاحتراف أمرا ممكنا، في حين كان منذ سنوات قليلة مضت أمرا يصعب تحقيقه، و هذا دليل على أن الدعم الحقيقي يحقق المستحيل، فعندما نرى وضعية الدول الأوروبية نجد أن الجهود المبذولة لتطوير ألعاب الفيديو وتنظيم أحداث الرياضات الإلكترونية تقتصر على الشركات و العلامات التجارية الراعية فقط، و لا يتم التركيز من طرف السياسيين على القطاع بشكل كبير رغم وعيهم بأهميته، فمثلا أشار الرئيس الفرنسي بضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات لتطوير هذا المجال، و لكن لم يتبع التصريح أي أفعال تطبيقة لتحقيق هذا الهدف فعليا بدعم مادي و تسهيلات لإقامة أحداث ضخمة تضاهي الأحداث المتعلقة بالرياضات التقليدية، في المقابل، تحرص بعض الدول العربية على الاستثمار فعليا بمجال الرياضات الإلكترونية، فالمملكة العربية السعودية قد خصصت 3 ملايين دولار من صندوق الاستثمارات العامة لتطوير القطاع في سنة 2022، و استثمرت في أسهم شركات كبرى مثل Nintendo ، Capcom ، Activision Blizzard، EA و غيرها من الأسماء الكبرى المرتبطة بتطوير ألعاب الفيديو.

بفضل دعم الحكومات العربية التي أدركت أخيرا أهمية الاستثمار في هذا القطاع أصبحت المنطقة العربية الأسرع نموا في عالم الألعاب الإلكترونية، و  تبشر كل هذه العوامل بمستقبل مشرق للاعبين العرب الراغبين بالاحتراف في الرياضات الإلكترونية بعد أن أصبح الطريق ممهدا لهم للوصول إلى العالمية، بحيث يمكن أن يبدؤوا مسارهم بالمشاركة في البطولات التي تقام في الشرق الأوسط بمختلف الألعاب قبل الانتقال إلى البطولات العالمية الكبرى، و هكذا لم يعد على اللاعبين سوى العمل باجتهاد على تطوير مهاراتهم بالاستمرارية في التدريب لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم للاحتراف في الرياضات الإلكترونية. 

اظهر المزيد

Rami Al Aich

محب للألعاب الفيديو وبالتحديد ألعاب FPS ، أحب التكنولوجيا وخاصة بما يتعلق بـالحواسيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى