مراجعة Civilization VI – أفضل ماقدمته السلسلة العريقة حتى الآن

قيادة حضارة بكاملها منذ نشأتها مروراً بالمراحل التاريخية وحتى الغزو المستقبلي لم تكن بهذا المستوى من المتعة قط. Civilization قد عادت، وهي أفضل من أي وقت مضى.

استطاع المطورون في “Firaxis” التفوق على أنفسهم من جديد في هذا الإصدار الأحدث من سلسلة الألعاب الاستراتيجية. Civilization VI ليست فقط من أنجح ألعاب هذه السنة، بل قد تكون من أفضل الألعاب الاستراتيجية وأكثرها عمقاً التي شهدناها على الإطلاق. قليلة هي تلك الحالات حينما يستطيع الإصدار الجديد التفوق على سابقيه، لكن VI حققت النقلة الكبرى التالية للسلسلة منذ إطلاق الجزء الرابع قبل عدة سنوات وتقديم العديد من الأفكار الجديدة والتحسينات الصغيرة في حجمها والكبيرة في تأثيرها بما فيه الكفاية لتجعل من Civ VI تجربة جديدة كلياً لكن بالأسس المعتادة ذاتها. من الصعب للعبة ما أن تبقى ممتعة بعد إمضاء عشرات الساعات داخل عوالمها، لكن وبفضل الخريطة العملاقة والمكونة عشوائياً في كل تجربة لعب سوف تبقى مستمتعاً بكل تأكيد عبر رحلتك التاريخية هذه كل مرة.

حالما تقوم بدخول اللعبة سوف يتم الترحيب بك عن طريق واجهة استخدام جديدة كلياً تجعل من السهل الوصول إلى ماتريده بأسرع طريقة ممكنة. لم يعجب الكثيرون بهذا التغيير ربما لكننا وجدنا أنفسنا قد اعتدنا على استخدام هذه القوائم بسرعة دون أية مشاكل أو شكاوى. حال رؤيتك لعالم اللعبة سوف تلاحظ أيضاً تغير النمط الرسومي عن واقعية “Civilization V” السابقة فهنا سوف تجد نمطاً يمتاز بالبساطة والكرتونية. حتى وإن لم يكن هذا ما تفضله في ألعابك من المؤكد بأنك ستغير رأيك حينما تشعر بمدى حيوية هذه الأرض بحلتها الجديدة. كل شيء يجري كما قد تتخيله وكل المعالم تمتاز بخصائصها الرسومية المميزة. من ملامسة المياه للشواطئ إلى الضوء اللامع الملقى على الصخور الساحلية، الأحصنة والأبنية والمعامل والمناجم وكل تلك الجزئيات هي ما يُشعرك بأنك فعلاً تأخذ دوراً في عالم حيوي مفعم بالحركة في كل زاوية. إضافة دورة الليل والنهار إلى اللعبة تخدم في زيادة الاتصال بهذا العالم وجوه المميز لتجعل من إدارة ممالكك وبلدانك أمراً ممتعاً للنظر وغير رتيب. هل ذكرنا أيضاً بأن الخريطة تتغير معالمها أثناء اللعب والتقدم في الزمن؟ تغييرات كهذه تجعلك تشعر حقاً بمرور الوقت وتفاعل العالم الواسع معه.

بالانتقال إلى النواحي الجديدة في اللعبة لدينا هنا عدة تغييرات كبيرة على ميكانيكية اللعب كافية لجعل التجربة أكثر تميزاً عما قد رأيناه فيما مضى. إحدى التغييرات الكبيرة التي ستلاحظها حالاً هي عدم تمكين اللاعب من تكديس المدن كما كان الأمر سابقاً. عوضاً عن ذلك، سيتوجب عليك هنا بأن ترتب أبنيتك ضمن ما يسمى ب “Districts” أو مقاطعات، والتي تساعد في توسيع المراكز السكنية على رقعة أرض أكبر بكثير. هذه التحديثات منفصلة عن المزارع والمناجم المتواجدة لتزويد سكانك بالموارد الهامة، لكنها تقوم بتنظيم المجالات الحضارية الأخرى كال Campus لجميع الأبنية العلمية، Theatre Square للمراكز الثقافية والمزيد. كل تلك المقاطعات تمتلك أبنية حصرية لها فالبنوك على سبيل المثال يجب أن تبنى دائماً في الموزع الاقتصادي بينما خزينة الأسلحة لن تجد لها مكاناً سوى في المنطقة العسكرية. هذا التغيير الجديد يجعلك في موضع أكثر تحكماً على حضارتك لكنه بنفس الوقت يقدم تحدياً كبيراً في الأزمان اللاحقة ليضع اللاعب أمام الكثير من الخيارات الصعبة أثناء اللعب. لا يمكنك تغيير هذه المقاطعات بعد بنائها، وستجد نفسك في حيرة دائمة سواءاً كنت تريد الاستفادة من الجبال في تقديم الزيادة الإضافية للجانب العلمي من حضارتك أم تود بناء مركز عسكري، حيث قد لا تجد مساوئ ومحاسن اختيارك سوى بعد أن تقدم زمن اللعبة بشكل كبير ليجعلك تتمنى لو كنت قد اتخذت خياراً مغايراً على سبيل المثال.

من التغييرات الجديدة على السلسلة أيضاً كيفية تمثيل شجرة التكنولوجيا، فسابقاً كانت هذه الخاصية موزعة عبر الأزمان القديمة وحتى القرن الواحد والعشرين بينما في “Civilization VI” تقسم إلى شجرتين اثنتين توزع جميع التقدمات الحضارية والسياسية في شجرة “Civic” الجديدة. هذا الأمر لا يسمح فقط بالمزيد من الانتصارات الحضارية ولكنه أيضاً يشجع على التجريب واتخاذ القرارات المختلفة. هناك أيضاً نظام سياسة على شكل لعبة ورق صغيرة تحدد التحديثات والدفعات التي تستطيع إدخالها إلى حكومتك وهو نظام يتقدم مع تقدم العصور ليعطيك المزيد من مساحات الورق. كلتا الشجرتان تمتلكان نظاماً آخراً يقوم بدخوله الأول إلى السلسلة مع “Civilization VI” ألا وهو “Eureka!”، وهو قد يكون أفضل الأفكار الجديدة في هذه الحزمة الاستراتيجية المطورة. ببساطة، جميع تحديثات التكنولوجيا وال civic تأتي الآن مع Boost عبارة عن مهمة بمطلب واحد إن تم إكمالها ستعطيك لحظة “Eureka!” تقوم بتخفيض زمن الأبحاث الخاصة بك بمقدار النصف. الإبحار يأخذ وقتاً أقل للتطوير حالما تقوم باكتشاف المحيط بينما ستستطيع تطوير المزيد من خيارات التطوير العسكرية في زمن أقل في حال قمت بالقضاء على عدد معين من وحدات العدو على سبيل المثال. اللعبة مستمرة دائماً في مكافئتك على ما تقوم بفعله وهو أمر يعطيك حساً بأن جميع ما تفعله هام وذو تأثيرات على مجريات حضارتك.

القادة يعودون من جديد كما هو الأمر مع إصدارات لعبة “Civilization” ليقدموا حساً تاريخياً لا مثيل له. إضافة إلى نماذجهم الفريدة من نوعها رسومياً علينا طبعاً الحديث عن التمثيل الصوتي والذي يُعد من نقاط قوة اللعبة دون شك. كما هو الأمر في “Civilization V” فالزعماء يتحدثون بلغتهم الأصلية عوضاً عن الإنجليزية والمؤون الصوتيون قد قاموا بعمل ممتاز في هذه الناحية، فحين مقابلتك لزعيم حضارة أخرى من الرموز التاريخية المعروفة ستشعر حقاً بأنك أمام شخصية تمثل حقبة زمنية وحضارية مميزة.التلحين الموسيقي قد يكون من أفضل ما قدمته السلسلة على الإطلاق والمبهر بالأمر هو امتلاك كل حضارة مختلفة لمقطوعات تمثل تاريخها وتتقدم وتتطور وتصبح أكثر تعقيداً مع تقدمك في الزمن، فما سيبدأ بأصوات صفارات موسيقية سينتهي به الأمر كمقطوعة أوركسترالية ضخمة تمثل تلك الحضارة بكامل إنجازاتها. المقطوعة الرسمية للعبة “Sogno di Volare” هي بذات مستوى روعة “Baba Yetu”، وهذا التصريح بحد ذاته يعد شيئاً عظيماً.

إن أردنا الحديث بتوسع عن كل ناحية من نواحية لعبة ضخمة ك “Civilization VI” سنحتاج لساعات طويلة، فعلى الرغم من أن الإصدار الجديد هو أكثر سلاسة مما مضى إلا أن مستوى التعقيد والعمق قد ازداد بشكل قد لا يكون مناسباً للقادمين الجدد. حتى وإن كنت من متابعي ألعاب السلسلة فيما مضى ستجد نفسك هنا تقرأ عن المزايا الجديدة باستثمار وبحاجة للقليل من المساعدة لوضعك على الطريق الصحيح. الأمر ليس دائماً أكثر صعوبة هنا فعدة أشياء كانت تأخذ من وقتك سابقاً قد تم تحديثها هنا. التجار سيقومون بصناعة الطرق بأنفسهم هذه المرة، كما أن هذا الإصدار يقدم لنا “Builders” والذين سيستبدلون العمال في تطوير المنشآت وبشكل آني لكن باستخدامات محدودة. هذه التغييرات بالإضافة لعدة تحسينات على أشياء أخرى موجودة بالفعل تعطيك المزيد من الوقت للقيام بعمل الأشياء الأخرى الممتعة التي تتمحور حولها “Civ VI” حقاً.

على الرغم من ثباتية اللعبة حتى الآن وعدم وجود الأخطاء البرمجية إلا أنها بحاجة للمزيد من التحسينات من الناحية التقنية وبالأخص زمن ال “Loading” ككل. ربما هذه هي تكلفة استخدام المحرك ذاته من الإصدارات الماضية والذي لم يستطع على الرغم من التحسينات التي طرأت بأن يكون مناسباً بالكامل للعبة تصدر عام 2016. بغض النظر، متطلبات تشغيل اللعبة ليست عالية كثيراً وأي حاسب بمعالج متوسط الأداء وبطاقة رسومية معاصرة لن يجد أية مشكلة في تشغيل اللعبة.

إذاً تحسينات وتطويرات على نمط اعتدناه من أعمق السلاسل الاستراتيجية، تغييرات كافية لإعطاء تجربة مميزة بكل نواحيها، وتقديم رسومي وصوتي سيكسب حبك في الحال. نعتقد بأن اللعبة بحلتها الجديدة هي من أفضل ألعاب العام الحالي ودون شك من أبرز إصدارات السلسلة والألعاب الاستراتيجية ككل على الإطلاق. في “Civilization VI” لا يتعلق الأمر بأي شخص آخر سواك، ونضمن لك بأنك ستعيش قصة فريدة في كل مرة تنشئ بها حضارة جديدة.

التقييم النهائي:

9/10 – ممتاز